في أمسية فنية ساحرة على ضفاف نهر أبي رقراق، خطفت الفنانة المغربية ابتسام تسكت الأضواء خلال مشاركتها لأول مرة في مهرجان “رابأفريكا”، الذي واصل في يومه الخامس تأكيد مكانته كأحد أبرز المواعيد الموسيقية في المغرب والقارة الإفريقية.
وسط حضور جماهيري غفير فاق كل التوقعات، اكتست منصة المهرجان بحلة من الألوان والإضاءات العصرية، فيما عمّت أجواء الحماس والتفاعل منذ اللحظات الأولى لظهور تسكت على الخشبة. أدّت الفنانة باقة من أنجح أغانيها، ممزوجة بلمسات جديدة تجمع بين إيقاعات الراي والنغمة الشعبية، قبل أن تختتم فقرتها بأداء الأغنية الوطنية الخالدة “صوت الحسن”، ما أثار موجة تصفيق حاد وهتافات وطنية من الحاضرين.
الجمهور، الذي تنوع بين فئات عمرية مختلفة، لم يكتفِ بالغناء والرقص، بل ردّد كلمات الأغاني عن ظهر قلب، في مشهد جسّد قوة الارتباط بين الفنانة ومحبيها. وكانت ساحة المهرجان تعجّ بالهواتف التي تلتقط مقاطع فيديو مباشرة، ما يعكس رغبة الحاضرين في تخليد هذه اللحظات ومشاركتها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفي تصريح إعلامي، عبّرت تسكت عن سعادتها بالمشاركة قائلة: “سعيدة جدا بالحضور لأول مرة في هذا المهرجان الكبير والعزيز على قلبي، وأشكرهم كثيرا على دعوتي، وأتمنى أن أكون خفيفة الظل على جمهوري”. وأكدت أن لقاء الجمهور في كل مناسبة يمنحها طاقة جديدة، مشيرة إلى أنها تضع الغناء في صدارة أولوياتها الفنية، على الرغم من تجاربها السابقة في التمثيل.
كما كشفت صاحبة أغنية “منك ولا مني” عن تحضيرها لعمل جديد وصفته بـ”القنبلة الفنية”، مؤكدة أنه سيكون مختلفا جذريا عن أعمالها السابقة من حيث الإيقاع والأسلوب. وأضافت أن هذا التغيير نابع من إحساسها الشخصي، وأن الأعمال الصادقة تصل دائما إلى الجمهور وتحقق نجاحا.
من جهة أخرى، تحدثت تسكت عن تجربتها الفنية مع شقيقها الرابور يوسف تسكت، مشيرة إلى أنهما كانا يخططان لتقديم عمل جديد يمزج بين الراب و”الإر أن بي” على منصة المهرجان، إلا أن ظروفا تقنية حالت دون ذلك.
الأمسية لم تقتصر على حضور تسكت، إذ افتتح الفنان الحساني شرادي السهرة بوصلة من الأغاني الصحراوية التي حملت دفء الكلمة الحسانية وعبق الصحراء، في خطوة تعكس تنوع الروافد الثقافية المغربية الذي يحرص المهرجان على إبرازه.
تحليل: مهرجان يرسّخ مكانته في المشهد الفني المغربي
بالمزج بين الأنماط الموسيقية المعاصرة والأصوات التراثية الأصيلة، يواصل مهرجان “رابأفريكا” لعب دور جسر فني وثقافي يجمع بين الأجيال والمناطق. مشاركة فنانة بحجم ابتسام تسكت، ذات القاعدة الجماهيرية الواسعة، تؤكد رغبة المنظمين في استقطاب أسماء قادرة على خلق التفاعل وضمان الإشعاع الإعلامي.
كما أن حضور الجماهير بهذا الزخم، في ظل حرارة فصل الصيف، يعكس تعطّش المشهد الثقافي المغربي لمثل هذه التظاهرات التي لا تكتفي بالترفيه، بل تساهم في تحريك الدورة الاقتصادية للمدينة، من خلال تنشيط السياحة الداخلية ودعم الفاعلين المحليين.
ويبدو أن “رابأفريكا” في نسخته الحالية يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ هويته كمنصة إبداعية مفتوحة، قادرة على التوفيق بين روح الانفتاح العالمي وحماية الموروث الموسيقي المغربي.