في تطور يعكس عمق العلاقات العسكرية بين المملكة المغربية وشركائها الدوليين، شاركت القوات المسلحة الملكية المغربية، ممثلةً في اللواء محمد بريط، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، في مراسم تنصيب القائد الجديد للقيادة الأمريكية لأفريقيا AFRICOM، والتي أقيمت يومي الرابع عشر والخامس عشر من شهر أغسطس من العام ألفين وخمسة وعشرين في مدينة شتوتغارت بألمانيا.
وحسب البيان الرسمي الصادر عن القوات المسلحة الملكية، فقد قاد اللواء محمد بريط وفداً عسكرياً رفيع المستوى يمثل المملكة المغربية، مؤكداً بذلك على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات العسكرية المغربية مع الشركاء الدوليين، وعلى الدور الذي تلعبه المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار على الصعيد الإقليمي والدولي. ويُعد هذا الحضور المغربي مؤشراً واضحاً على التزام المملكة بالمشاركة الفاعلة في المبادرات العسكرية الدولية، خصوصاً في القارة الإفريقية، حيث تتطلب التحديات الأمنية تعاوناً متعدد الأطراف.
وقد شهدت مراسم التنصيب الرسمية تسليم القيادة من الجنرال مايكل لانغلي إلى الجنرال داغفين آر. إم. أندرسون، بعد أن صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيينه قبل عشرة أيام، بناءً على اقتراح من الرئيس الأمريكي آنذاك، السيد دونالد ترامب. ويعد هذا التغيير خطوة مهمة، إذ يؤكد على استقلالية القيادة الأمريكية لأفريقيا عن قيادة الجيش الأمريكي في أوروبا وأفريقيا، والمعروفة اختصاراً بـ USAREUR-AF، لتصبح قيادة مستقلة تماماً لإدارة العمليات العسكرية في القارة الإفريقية.
ويأتي هذا الحدث في وقت حساس على الصعيد الأمني، إذ تشهد القارة الإفريقية تحديات متعددة تشمل مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن البحري، ومواجهة النزاعات الإقليمية، الأمر الذي يجعل من التعاون العسكري بين الدول الشريكة أمراً حيوياً لتحقيق الأمن والاستقرار. وتبرز أهمية هذا التعاون في تعزيز القدرات التشغيلية للقوات الشريكة، وتنسيق الاستجابة للأزمات الأمنية العابرة للحدود، بما يسهم في الحفاظ على السلم الإقليمي والدولي.
وخلال مراسم التنصيب، أجرى الوفد المغربي سلسلة من اللقاءات الثنائية مع مسؤولي القوات الأمريكية، بالإضافة إلى ممثلين عن عدة دول إفريقية وشركاء دوليين آخرين، بهدف تعزيز التنسيق العسكري وتبادل الخبرات، ومناقشة سبل التعاون المستقبلية في مجالات التدريب العسكري، والتخطيط الاستراتيجي، والمساعدات التقنية. هذه الاجتماعات تعكس رغبة المملكة في نقل خبرتها الطويلة في مجال الأمن والاستقرار، وإيجاد حلول عملية للتحديات التي تواجه القارة الإفريقية، خصوصاً في ظل التهديدات الإرهابية المستمرة وتنامي النزاعات الإقليمية.
كما أشار اللواء محمد بريط في تصريحاته الرسمية إلى أن حضور المملكة المغربية في هذا الحدث الدولي المهم يعكس التزام المملكة الثابت تجاه الشراكات العسكرية العالمية، ويؤكد على أن القوات المسلحة الملكية المغربية تعتبر جزءاً فعالاً من الجهود الدولية لتحقيق الأمن في القارة الإفريقية. وأضاف أن المملكة تعمل على تعزيز التعاون العسكري مع كافة الدول الصديقة والشريكة، من أجل بناء بيئة أمنية مستقرة، ودعم المبادرات الرامية إلى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
من جانبه، أعرب الجنرال داغفين آر. إم. أندرسون عن تقديره الكبير لمشاركة الوفد المغربي، مؤكداً أن التعاون مع القوات المسلحة المغربية يشكل ركيزة أساسية في تحقيق أهداف القيادة الأمريكية لأفريقيا، خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة التهديدات الأمنية العابرة للحدود، ودعم قدرات القوات الشريكة في المنطقة. وأوضح أن المغرب يلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي، بما يعكس مستوى التنسيق العالي بين القيادة الأمريكية لأفريقيا والقوات المسلحة الملكية المغربية.
وقد شهدت مراسم التنصيب حضور كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول الإفريقية، إضافة إلى شركاء دوليين آخرين، في مشهد يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه القيادة العسكرية في الإشراف على العمليات المشتركة، وتنسيق الجهود الدولية لتعزيز الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية. وتعكس هذه المناسبة حجم التعاون الدولي المطلوب لمواجهة التحديات الأمنية المعقدة، وتطوير سياسات مشتركة في مجالات الدفاع والأمن.
ويعتبر هذا الحدث فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في مجالات التدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في مجال العمليات الإنسانية والإغاثية، والتي باتت جزءاً لا يتجزأ من مهام القوات المسلحة الحديثة. كما يمثل حضور المغرب فرصة لتوسيع شبكة التحالفات العسكرية، وتبادل الخبرات والتقنيات الحديثة، بما يرفع من جاهزية القوات المسلحة في مواجهة مختلف التحديات الأمنية.
كما أن مشاركة المغرب في هذا الحدث التاريخي يعكس أيضاً دور المملكة كحلقة وصل بين القارة الإفريقية والدول الشريكة دولياً، حيث يسعى المغرب من خلال خبرته العسكرية وتجربته الأمنية الطويلة إلى دعم الاستقرار الإقليمي وتعزيز قدرات القوات المسلحة في المنطقة. ويظهر ذلك من خلال المشاريع المشتركة والتدريبات العسكرية التي تنفذ بين المغرب وشركائه الدوليين، والتي تهدف إلى رفع مستوى الكفاءة القتالية وتحسين التنسيق في الميدان.
ويأتي هذا الحضور المغربي ضمن استراتيجية متكاملة لتعزيز التعاون الأمني والعسكري مع الشركاء الدوليين، وضمان التنسيق الفعال بين القوات المسلحة الملكية المغربية وجميع الأطراف المعنية في القارة الإفريقية، بما يسهم في حماية المصالح الوطنية والإقليمية، وتعزيز الأمن الجماعي. وتبرز هذه الاستراتيجية في بناء شبكات تعاون متعددة المستويات، تشمل التدريب المشترك، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والمشاركة في العمليات الإنسانية والإغاثية.
ولا يمكن إغفال أهمية مثل هذه المراسيم التي تشهد انتقال القيادة بين كبار القادة العسكريين العالميين، إذ تمثل فرصة لمراجعة السياسات العسكرية المشتركة، وتعزيز الروابط بين القوات المسلحة للدول المشاركة، كما توفر فرصة لتبادل الخبرات والتقنيات الحديثة، وبناء شراكات طويلة الأمد تساهم في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة والمتنامية. ويُعتبر هذا الحدث منصة لتقييم الأداء العسكري، وتحديد الأولويات الاستراتيجية المشتركة، وتطوير خطط عمل مستقبلية تتناسب مع طبيعة التهديدات الراهنة والمتوقعة.
ويعكس حضور المملكة المغربية في مراسم تنصيب القائد الجديد للـ AFRICOM التزامها الثابت تجاه تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، والتصدي للتحديات الأمنية العابرة للحدود، وهو ما يجعل المملكة شريكاً موثوقاً ومهماً على المستوى الدولي في هذا المجال الحيوي. وتؤكد المملكة من خلال هذه المشاركة أن أمن القارة الإفريقية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتعزيز التعاون الدولي والمبادرات المشتركة بين الدول الصديقة.
وفي الختام، يمكن القول إن هذه المشاركة المغربية ليست مجرد حضور رمزي، بل هي تأكيد على دور المملكة في الساحة الأمنية الدولية، وعلى استعدادها المستمر للمساهمة الفعالة في الجهود المشتركة لتعزيز الاستقرار في القارة الإفريقية، وتطوير شراكات استراتيجية مع كافة الدول الصديقة والشريكة، بما يضمن الأمن والسلام في المنطقة والعالم. ويؤكد هذا الحدث على المكانة المرموقة للمغرب في محيطه الإقليمي والدولي، ودوره المحوري في تحقيق التعاون العسكري متعدد الأطراف بما يخدم مصالح الأمن والسلام العالميين.