الأعمال الميدانية التي أشرف عليها الجيولوجي بكر خديرة حددت ما مجموعه 34 عرقًا من الكوارتز، تمتد باتجاه شمال غربي – جنوب شرقي عبر نطاق رخصة الامتياز. هذه البنيات يتجاوز عمقها 100 متر، فيما يتراوح عرضها السطحي بين 40 سنتيمترًا و1.5 متر.
التحاليل المخبرية التي أُجريت على عينات مأخوذة من آبار وخنادق أظهرت تراكيز ذهبية تتراوح بين 6 غرامات/طن و30 غرامًا/طن. هذه المستويات، وفق المعايير الدولية، تصنف ضمن نطاق الجودة العالية، ما يعزز إمكانية تطوير المشروع مستقبلًا.
توضيح رسمي
إعلان الشركة أثار بعض الجدل بعد أن ورد في تقرير أولي أن أعلى عيار سجل بلغ 300 غرامًا/طن. لاحقًا أوضحت الشركة أن الأمر يتعلق بخطأ مطبعي، مؤكدة أن الرقم الصحيح هو 30 غرامًا/طن. وأكدت أن هذا التوضيح لا يغير من أهمية النتائج التي تظل إيجابية وتدعم الجدوى الاقتصادية للاكتشاف.
تقديرات أولية
مصادر متخصصة أشارت إلى أن الاحتياطات المحتملة قد تتراوح بين 3 و5 ملايين أونصة، استنادًا إلى الامتداد الجيولوجي والمعطيات الأولية المتوفرة. في حال تأكدت هذه التقديرات عبر برامج حفر إضافية ودراسات تقديرية، قد تصل القيمة الإجمالية إلى عشرات مليارات الدولارات، اعتمادًا على الأسعار العالمية الحالية للذهب والتي تدور حول 2,500 دولار/أونصة.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
من المتوقع أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل مباشرة تتراوح بين 200 و500 منصب، إضافة إلى آلاف الوظائف غير المباشرة في مجالات النقل والخدمات والتوريد. كما قد يشكل الاكتشاف عاملًا داعمًا لتطوير البنية التحتية المحلية وتعزيز الاستثمارات في الأقاليم الجنوبية.
البعد الجيولوجي والتاريخي
يقع الاكتشاف فوق صخور نهر درعة التاريخي، الذي عرف في السابق بثرائه بالذهب وامتد من الجزائر مرورًا بموريتانيا وصولًا إلى المغرب. هذا المعطى يمنح مؤشرًا إضافيًا على وجود قاعدة جيولوجية معدنية مهمة في المنطقة، ويعزز فرضية استمرار الامتداد المعدني عبر الحدود.
التحديات المرتبطة
رغم الإمكانات الكبيرة، يواجه المشروع تحديات متعلقة بالجانب البيئي، خاصة فيما يتعلق بحماية الموارد المائية والحد من التلوث الناتج عن عمليات التعدين. كما أن الفترة الزمنية الفاصلة بين الاكتشاف والإنتاج التجاري قد تصل إلى 5 – 10 سنوات، وهو ما يتطلب استثمارات مالية مهمة وإطارًا تنظيميًا واضحًا.
مقارنة إقليمية
على الصعيد الإفريقي، يمثل الذهب ركيزة أساسية لاقتصادات دول مثل مالي وغانا وبوركينا فاسو. غير أن هذه التجارب أظهرت تحديات تتعلق بالحوكمة والاستدامة البيئية والاجتماعية. بالنسبة للمغرب، فإن استقراره السياسي وقوة مؤسساته يمنحانه ميزة نسبية لجذب الاستثمارات الأجنبية في ظروف أكثر استقرارًا وأمانًا.
استراتيجية الشركة
إلى جانب هذا الاكتشاف، تدير Olah Palace Trading مشاريع أخرى في مجالات مختلفة، منها استكشاف الليثيوم والكاولين في إقليم السمارة، بالإضافة إلى مشاريع التيتانيوم وخام الحديد في جهة العيون – الساقية الحمراء. هذه الاستراتيجية المتعددة المعادن تعكس انسجامًا مع الطلب العالمي على المعادن الاستراتيجية المستخدمة في التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
آفاق مستقبلية
المرحلة المقبلة ستشمل برامج حفر تفصيلية لتحديد الحجم الحقيقي للرواسب، إلى جانب اختبارات استخلاص للتأكد من الجدوى الصناعية. كما يتوقف نجاح المشروع على تطوير شراكات مالية وتقنية، وضمان التوافق مع القوانين المغربية والمعايير البيئية.
الاكتشاف الأخير في كلميم يمثل خطوة مهمة في مسار تطوير قطاع التعدين المغربي. وإذا ما تأكدت التقديرات الأولية وتم تجاوز التحديات البيئية والتمويلية، فقد يشكل المشروع إضافة نوعية تضع المغرب في موقع أكثر تنافسية على الساحة الدولية، وتعزز موقعه كوجهة استثمارية بارزة في المعادن الاستراتيجية.