في الوقت الذي يتزايد فيه الاهتمام الدولي بملف الصحراء المغربية، يواصل المغرب إثبات حضوره كفاعل رئيسي قادر على الجمع بين الالتزام بالشرعية الدولية والدفاع الصارم عن سيادته. اللقاء الذي جمع في أكادير بين الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، والفريق فخرول أحسان، قائد بعثة الأمم المتحدة في الصحراء "المينورسو"، لم يكن مجرد اجتماع تقني، بل رسالة سياسية واضحة إلى الأمم المتحدة والعواصم المؤثرة.
الاجتماع جاء مباشرة بعد صدور تقرير الأمين العام أنطونيو غوتيريش، وحمل تأكيدًا مغربيًا على ضرورة أن تنقل تقارير "المينورسو" حقيقة الواقع كما هو، بعيدًا عن الغموض والانحياز. المملكة شددت على أنها الطرف الأكثر التزامًا بوقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، في وقت تستمر فيه خروقات جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، خصوصًا في مناطق المحبس والسمارة، وهو ما يهدد الاستقرار الإقليمي.
الرسالة المغربية لم تقف عند الجانب العسكري، بل امتدت لتؤكد أن المملكة تتحرك بمسؤولية سياسية وأمنية، وتدعو إلى تقارير أممية موضوعية وشفافة. هذا الموقف يجد صداه في المواقف الدولية المتزايدة الداعمة للطرح المغربي، حيث تواصل الولايات المتحدة اعتبار الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007 الحل الأكثر واقعية ومصداقية، فيما تجدد فرنسا دعمها الاستراتيجي للرباط، وتعيد ألمانيا وإسبانيا صياغة علاقاتهما مع المملكة وفق مقاربة براغماتية. أما الصين، فتعزز دعمها غير المباشر عبر شراكات اقتصادية متنامية.
المغرب، إذن، لم يعد في موقع رد الفعل، بل أصبح مبادرًا يرسم ملامح النقاش داخل الأمم المتحدة، جامعًا بين الدفاع عن الأمن والاستثمار في التنمية وحقوق الإنسان داخل أقاليمه الجنوبية. وفي انتظار نقاشات مجلس الأمن المقبلة، يبقى واضحًا أن المملكة ترسل إنذارًا دبلوماسيًا ورسالة صريحة: سيادتها ليست موضوع مساومة، ووحدتها الترابية حقيقة راسخة في التاريخ والقانون والواقع.